3000 ضد 200,000



خرج جيش المسلمين إلى منطقة مؤته جنوب الكرك في سهول الشراه من الاردن، بثلاثة آلاف فارس ليلتقي بجيش الروم الكثيف المنتظم بمائتي الف مقاتل

مضى جعفر بن أبي طالب يقارع الروم ويقاتلهم في إقدامٍ عظيم فاق كل أنواع الشجاعة والبطولة ، إقدام رجل لا يبحث عن النـصر فقط، بل يبحث عن الشهادة أيضاً.

ثم تكاثر عليه مقاتلة الروم ورأى أن فرسه تعيقه، فنزل عنها وراح يصوب سيفه ويسدده في نحور أعدائه كنقمة القدر، ثم لمح واحداً من الاعداء يقترب من فرسه ليعلو ظهرها، فعزّ عليه أن يمتطي صهوتها هذا النجْس، فبسط نحوها سيفه وعقرها

وانطلق وسط صفوف الروم المتكالبة عليه يدمدم كالإعصار يضرب يمنة ويسرى وصوته يتعالى بهذا الرَّجَز المتوهج:-

يا حبّـذا الجنةُ واقترابُــــها
طيّبـَـةً وبارداً شرابُـها
والرومُ رومٌ قد دنـا عذابُها
كافرةً بعـيدَةٌ أنسـابُــها
عليّ إذ لاقيتُها ضِرابُها

ولما رأى الروم هذا المقاتل الجبار وأدركوا مقدرة هذا الرجل الذي يقاتل وكأنه جيش لَجِب، أحاطوا به في إصرار مجنون على قتله، وحوصر جعفر بهم حصاراً لا مفر فيه لنجاة وهو يقاتل بكل جرأة وعزمٍ أعطاه الله اليه، فضرب الروم يمينه التي تحمل راية الإسلام عالياً بالسيف فقطعت

وقبل أن تسقط الراية منها على الارض عاجلها وتلقاها هذا الأسد المقدام بشماله، فعاجله رومي فضربها فقطعت شماله، فاحتضن هذا الفارس القرشي راية الإسلام بكلتا عضديه مقبلاً غير مدبر وسط المعركة يصيح بالمسلمين ويقوي عزيمتهم على القتال، وهو يُركّز كل مسؤليته في أن لا يدع راية رسول الله
صلى الله عليه وآله وسلم أن تلامس التراب وهو حي يدافع عن أرض الاسلام.

فهَمّ عليه رومي وضربه بسيفه فشطر جسده الشريف نصفين، فتكوّمت جثته الطاهرة وسارية الراية مغروسة بين عضدي جثمانه الكريم وهي خفاقة في عنان السماء ، فلاحت خفقاتها بعنفوان ونادت عبدالله بن رواحة الذي شق الصفوف كالسهم نحوها وأخذها في قوة المؤمن ومضى بها إلى مصير عظيم.

وقد أخبر رسولنا الكريم أن الله قد أبدل جعفر بجناحين في الجنة يطير بهما حيث شاء، لذلك سمي بجعفر الطيار
3000 ضد 200,000
4 / 5
Oleh