الأشرف خليل بن قلاوون



قام الأشرف خليل بن قلاوون بتعبئة جيوشه من مصر والشام لتحرير عكا المحتلة منذ 100 عام

خرج الأشرف خليل من القاهرة، وأنضمت له أربعة جيوش يقودها نواب السلطان، جيش دمشق يقوده حسام الدين لاجين، وجيش من حماة يقوده المظفر تقى الدين، وجيش من طرابلس يقوده سيف الدين بلبان، وجيش من الكرك وكان على رأسه الأمير بيبرس الدوادار.

كان الصليبيون في عكا يدركون منذ فترة خطورة موقفهم، وكانوا قد أرسلوا إلى ملوك وأمراء أوروبا يطلبون منهم العون والمساعدة

قام ملك إنجلترا إدوارد الأول بإرسال بعض الفرسان. وقام هنري الثاني ملك قبرص بتحصين أسوار عكا وأرسل قوة عسكرية على رأسها أخوه "أمالريك".


كانت أسوار عكا مقسمة على الطوائف والفرق الصليبية بحيث تكون كل طائفة (فرسان المعبد ،الاسباتريه، فرسان التيوتون الألمان وغيرهم) مسئولة عن حماية قسمها.

بحلول الخامس من إبريل 1291م كان جيش الأشرف خليل يقف بمواجهة عكا ناصبا دهليزه الأحمر فوق تلة مواجهة لبرج المندوب البابوي على مسافة غير بعيدة من شاطئ البحر، وانتشر جيش مصر من نهاية سور مونتموسارت حتى خليج عكا، واتخذ جيش حماة مواقعه عند البحر وعلى ساحل عكا

وفي اليوم التالي انطلقت عرارات جيش المسلمين ومناجيقه تلقي بالأحجار الضخمة والنيران على أسوار عكا وراح رماة السهام من المسلمين بإمطار المدافعين من الصليبيين المتمركزين فوق أبهاء الأبراج وأفاريزها بسهامهم

تقدم الفرسان والمهندسون المسلمون وقد تغطوا بالدروع في موجات متلاحقة نحو سور عكا حتى سيطروا على حافته دون أن يتمكن المدافعون الصليبيون من إيقاف موجات زحفهم لكثرة أعدادهم وتلاحق موجاتهم بامتداد الأسوار

استخدم المسلمون سلاحاً يدوياً صغيراً يطلق نيراناً كثيفة وسريعة أطلق عليه الصليبيون اسم"كارابوها"وقد أحدث هذا السلاح أضراراً بالغة بالمقاتلين الصليبيين وصعب عليهم التقدم نحو المهاجمين المسلمين

وتمكن المسلمون من إحداث أضرار وبعض النقوب في الأجزاء الضعيفة من الأسوار

في الرابع من شهر مايو استرد الصليبيون المحاصرون بعض الثقة والأمل حين وصل الملك هنري الثاني من قبرص. وفي صحبته أربعون سفينة محملة بالمقاتلين والعتاد

تولى هنري قيادة الدفاع ولكن سرعان ما أدرك هنري قلة حيلته في مواجهة الأشرف خليل، فأوفد إليه فارسين من فرسان المعبد هما"وليم اوف كافران" و "وليم اوف فيلييه" لطلب السلام وإعادة الهدنة، وسألهما الأشرف عما إذا كان أحضرا مفاتيح المدينة فأجابوا أنهم ماجاؤؤوا إلا لطلب الهدنة فرفض الأشرف وردهما

وفي فجر يوم الجمعة 18 مايو (17 جمادى الأولى سنة 690 هـ) سمع صليبيو عكا دقات طبول المسلمين، وبدء المسلمين بالزحف الشامل على عكا بامتداد الأسوار، تحت هدير دقات الطبول التي حُملت على ثلاثمائة جملا لإنزال الرعب في صدور الصليبيين

اندفع المجاهدون المصريون من جيش الأشرف وجيوش الشام وهم يكبرون لمهاجمة تحصينات المدينة تحت قيادة الأمراء المماليك الذين ارتدوا عمائم بيضاء. ووصل المقاتلون إلى البرج الملعون وأجبروا حاميته على التراجع إلى جهة باب القديس أنطوان واستمات فرسان المعبد وفرسان الاسبتاريه في الدفاع عن البرج والباب ولكن المقاتلون المسلمون، الذين كانت نار الاغريق
من ضمن أسلحتهم، تمكنوا من الاستيلاء عليهما وراحت قوات جيش المسلمين تتدفق على شوارع المدينة حيث دار قتال عنيف بينهم وبين الصليبيين.

رفعت الصناجق الإسلامية على أسوار عكا وأيقن الملك هنري أنه لا طاقة للصليبيين بجيش الأشرف وأن عكا ستسقط في يد الأشرف لا محال فأبحر هاربا إلى قبرص ومعه"جون فيلييه" مقدم الاسبتاريه.

سادت عكا حالة من الفوضى العارمة والرعب الهائل، واندفع سكانها الصليبيون المذعورن إلى الشواطئ بحثاٌ عن مراكب تنقلهم بعيداً عنها، ولا يدري أحد بالتحديد كم منهم قتل على الأرض أو كم منهم ابتلعه البحر

وقبل أن يحل الليل كانت مدينة عكا قد صارت في يد المسلمين. عادت عكا إلى المسلمين بعد حصار دام أربعة وأربعين يوما وبعد أن احتلها الصليبيون مائة عام

وصلت أنباء انتصار جيش المسلمون وتحريره عكا إلى دمشق والقاهرة ففرح الناس وزينت المدن. ودخل السلطان خليل دمشق ومعه الأسرى الصليبيين مقيدين بالسلاسل وقوبل جيش المسلمين بالاحتفالات ورفع رايات النصر وعمت البهجة بين الناس.
الأشرف خليل بن قلاوون
4 / 5
Oleh